السبت، 26 أبريل 2008

أبحث عن فاطمة فأجد هيلينا12/4/2008

في ربكة البحث عن فاطمة جديدة، البحث عن صديقة تملأ فراغ الحياة الغريبة التي أعيشها، أفضفض لها بضيقي، بهذا الاختناق، وقد تركت كل ما لي ولحقت المجهول، هاتفني من ليبيا، د.نبيل (صديقنا المصري الليبي الجميل).

-ما بك يا كريمة؟.
سأبحث لكي عن أصدقاء هناك، لا أعرف أحداً في نيوكاسل لكنني سأحاول.
وبعد أيام عاود الاتصال:
وجدت شخصاً قد تنسجمين معه، لا بأس أن تجربي، فتاة تدعى هيلينا، أنا لا أعرفها، فقط أعرف والدها، يعيش بلندن وهي تعمل وتعيش مع صديقتها في نيوكاسل، وستتصل بك خلال أيام.
أثق بنبيل، لكن التعرف بأحد ما، بهذه الطريقة، لم إجربه من قبل، (يلا هي غربة غربة نجربوا وخلاص).
الحقيقة لم أتحمس كثيراً، لكنني أيضاً انتظرت مكالمتها بفارغ الصبر، فلم يحدث أن عرفني نبيل فايز حنا، بشخص إلا وكان مميزاً بشكل أو بآخر.
الأيام تمر، ولم تتصل هيلينا هذه، يسألني نبيل ما جرى؟ فأخبرته بأنني لا أظنها متحمسة للأمر، وأن لا يلح عليها، فلا يمكنني التكهن بشكل العلاقة التي ستنشأ بيننا.
هيلينا كانت تحاول الاتصال، وترد اسطوانة على هاتفها، وهكذا كان يحدث مع أهلي عندما كانوا يحاولون مكالمتي، وحين غيرت رقم هاتفي، رن يطلبني رقم غريب، قفزت من فوري أنادي زوجي أنها لابد هيلينا:
Hallo karima, I am hellena
كنت أنتظرها، وأخبرتها أنني انتظرتها، وعلى موعد معها تتوالى الأيام حتى عطلة نهاية الأسبوع (weekend). يوم السبت 12/4/2008 استيقظت صباحاً على آلام زوجي، وقد اشتد الوجع به، فلا يقدر حراكاً، يرفض أن يرى طبيباً، وتشخيصي لحالته لا يكفي، فلا يمكنني التكهن بما قد يكون أصاب ظهره، (الحمد لله على السلامة يا رامز).
هاتفنا هيلينا واعتذرنا عن الموعد المعقود بيننا، وسألناها أن تشرفنا بزيارتها في بيتنا إذ لا يمكننا المجيء، وعلى هذا تم الاتفاق.
زوجي بدأت تغادره الآلام شيئا فشيئاً، ويشعر أنه أفضل (الحمد لله)، قليلاً من التدليك وبعض من المراهم تكفلوا بالأمر (حتى احنا دكاترة مش أي كلام)
وننتظر هيلينا الفتاة الانجليزية القادمة.
أنا قلقة بشكل ما، وأتكهن بما تكون، فليس لدي أي فكرة عنها، سوى أنها مرسلة من طرف نبيل، أما ماهيتها، وكينونتها، فلله العلم.
يخالجني الخوف بأنه سيخيب ظني، وألتقي بفتاة انجليزية متعجرفة بأنف طويل وملابس غير محتشمة، وقد تكون في ثلاثينيات العمر، بدينة، وأن زيارتها ستكون ثقيلة الظل والدم معاً، زوجي غير مرحب أساساً بفكرة الغريبة المجهولة، هو رجل يميل بل يقف بكل ثقله في صف العقل والمنطق والمفروض، يحب النظام والترتيب وعلى اتفاق وثيق مع الساعة والوقت، ليس اجتماعي بشكل كبير، وأنا على النقيض تماماً، لا علاقة لي بالمنطق والعقل وما يقولانه، فلم تسر الأمور معي على نحو منطقي أبداً، أفقدني المنطق الكثير من حقوقي، وأجمل ما في حياتي جاء دون مباركته، لا علاقة لي بالنظام والوقت وجمود المفروض، مواعيدي خربة، وأعشق المغامرة وخوض المجهول، أحب طرق الأبواب لأعرف ما وراءها، وأعشق تجربة كل جديد، لا أتعب رأسي باستباق الأحداث، بالتحاليل المنطقية، حتى أن أمي كانت تخشى علي كثيراً، تقول:
(لو جيتي ولد عادي، لكن البنت ما ليهاش المغامرة، اغسلي الماعين وطيبي كيكة وريحيني، اقري قرايتك وياسر، لا نبيك تكتبي قصة، ولا تتعرفي على مسيحين ولا أجانب، كل يوم والتاني مروحتيلي بصاحبة من بلاد، كوري على هندي على سويسريات على سويديات، غير وين تلقي فيهم).
اختلافي وزوجي سبب اتفاقنا وسر سعادتنا، والحمد لله.
هيلينا ستصل عند الثانية ظهراً، والساعة تشير إلى الثانية والنصف ولم تصل، أين مواعيد الانجليز؟!، (الباين فيها عرق مني).
صوت خشخشة أمام الباب، ولم يقرع أحد الجرس، حين ألقيت نظرة من نافذتي.....مفاجأة......وصلت هيلينا، فتاة في مثل سني، جميلة، تقود دراجة.
الله الله الله، دراجة (غلبت وغلب حماري، أقنع زوجي بأن يشتري لي دراجة، هاتفت كل الأصدقاء ليعينونني، ولا يزال متردداً، إنه يخاف علي).
هيلينا لها صديقة آسيوية مسلمة، فهي تعرف عاداتنا، أحضرت معها كيك بالزبيب، لذيذ جداً، (وزوجي تعافى تماماً ، سبحان الله)، طلبنا منها البقاء لتناول الغذاء معنا، إن لم يكن لديها أي ارتباطات، فرحبت بذلك.
دخلنا المطبخ معاً، لنعد الـــ(كسكسي بالبصلة)، وفاجأني إلمامها بفنون الطبخ، فتقايضنا طرق إعداد الوصفات الليبية بالانجليزية (طبعاً عرفتوا لمن التطييب الصقع) نضج الـــcouscous، فالتهمت صحنها بشغف لم أتخيله، وخبرتني عن محاولاتها الفاشلة في إعداده، متبعة التعليمات المدونة خلف علبته، دافعت عن المطبخ الانجليزي بشدة عندما انتقده زوجي وقال أن الانجليز لا يعدون أطباقاً شهية، أعجبني اعتزازها بوطنها، وتقاسمنا سرد الذكريات عن الجدة، تركت جدتي وقد تركت جدتها، مع الاختلاف، فأنا غادرتها على مضض، أما هيلينا فعلى سنة الغرب، تركت أهلها وبيتها وغادرت، أخبرها زوجي الكثير عن ليبيا التي لا تعرفها وأراها صوراً عنها، فلم تصدق ذلك الامتداد الجغرافي المترامي، في المساء غادرت وقد قضينا كلنا وقت ممتع.
اسم (هيلينا) مشتق من اليونانية (هيلين) والذي يعني النور، وكان لها حقا من اسمها نصيب، نور محتشم دون إبهار، دون عجرفة ولا كبر، يتسرب ببساطة في المدى ويسمي حضوره الصباح.
أهلا بك يا هيلينا في حياتي صديقة جديدة.

الخميس، 24 أبريل 2008

ملامح من نيوكاسل

الخميس10/4/2008 البوابة السوداء (Black Gate)، وكنيسة نيكولاس

و11/4/2008 متحف المقتنيات بجامعة نيوكاسل، والـart gallery
لا يزال النشاط يتفجر من مسامنا كل صباح يقاوم البرد والملل، نستيقظ، إفطار بسيط، وحين تأذن لنا الساعة العاشرة بالمغادرة ننطلق في شوارع المدينة، التي بدأت تأخذ براحاً في قلبي وبين حجيراته، أحياناً نعرف وجهتنا وأحيانا لا نعرف، نصطحب معنا (زوادة)، زجاجة عصير برتقال ولوح كبير من الشوكلاتة وآلتي تصوير، واحدة للصور الفوتوغرافية والأخرى لتصوير الفيديو.
نسلم أنفسنا للمسارب والطرقات، نتبعها، ودائما توصلنا لا تتوه، نيوكاسل مدينة جميلة، غير مزدحمة، تهنأ في هدوء دون ضوضاء وتلوث، ورغم امتعاضي الشديد من قسوة البرد الغير معتادة عليها، إلا أن ارتباطاً يختلط بمشاعر لا أفهمها بدأ يضج في صدري، يذكرني بكلمات وصلتني كتعليق من السيدة الــ د.(أم دانيا/ أغرق في حب هذه المدينة حتى الثمالة)، وما غير الثمالة، ملمح صادقٌ للحب.
أعشق المتاحف والمواقع الأثرية ومعارض الفنون، يرهبني جبروت الصمت التاريخي فيها، قسوة أننا نمر وتنتهي الحياة بنا، بين عشية وضحاها ونحن غافلون، في الأثر أرى الأقوام الأخرى، في نقش على حائط، على صخرة، في جدار يناور الصمود في وجه توالي الليل والنهار، بعد أن رحلوا أصحابه، دون عودة.

الرهبة ما أحس، عظمة الزمن القاهر، الذي يمضي دون أن يلتفت لصغائرنا، يرانا كما نرى نقاط الأرصفة، دون طرفة عين.
رسم القرن الماضي، لوحة لفنان تركها ورحل، وبعد أن تشكلت بين يديه، صارت تملكه، بأحقيتها في ما ترغب بالإفصاح عنه أو تكتمه.

وما يعنيه اسم نيوكاسل هو القلعة الجديدة وما وصلته أنا وزوجي في ذلك اليوم هو البوابة السوداء للقلعة القديمة التي على أثرها وبمباركتها نهضت القلعة الجديدة (نيوكاسيل) في وجه الزمن، مطلة على نهر التاين كسلفها.

سرادبها التي تحمل الحاضر جنبا إلى جنب مع الماضي، مأوى من طلب السكينة والهدوء، للحظة وحسب.

الصدفة وحدها وبقيادة الشوارع هما فقط من أوصلانا إلى متحف جامعة النيوكاسل (Museum of ANTIQUITIES)، قسم العلوم الإنسانية، وبعد تردد مهيب، قررنا الدخول، وأهم ما رأيت، هو استثمار الحضارة، ولا أعني هنا الاستثمار المادي، فالدخول لكل المتاحف التي زرتها مجاني، إنما استثمار الذاكرة، حفظ لقيمة التاريخ، وحياة الغابرين وأثرهم، المتحف يحوي مختلف المقتنيات وكل ما له علاقة بحياة من مروا بهذه الرقعة من العالم.

إلى الـart gallery دخوله مجاني هو الأخر، ومحتواه من لوحات فنية عريقة يمتد عمرها إلى مئات السنين، لمشاهير الرسامين من انجلترا وبلدان أخرى، لوحات ترصد زوايا متباينة للإنسان في رحلته.

أمام كنيسة (St. Nicholas) تقاذفنا الفضول والتردد في آن، هل ندخل ونكتشف مجاهل هذا الأثر الشامخ، أم نعود أدراجنا، التكهن لا يجدي، ولا أجمل من المغامرة وطرق أبواب المجهول لرؤية الأساطير النائمة، سيدة انجليزية وأختها لمحا ترددنا، وسرقتنا للخطوات إليها، فرحبتا بنا، وخبرانا عنها القليل، أما الكثير فنحن من سيستدرجه إلى جعبتنا، كنائس أخرى نصحانا بزيارتها والوقوف عندها، أعترف بحبي للكنائس، وأقدرها، يكفيني أنها لله.

السبت، 19 أبريل 2008

أنا والكتب

الاربعاء9/4/2008

التسوق هنا حكاية أخرى، الخيارات واسعة، والعقلية التجارية، تطرح عروضها بذكاء ليس لنا به صلة نحن الليبيون في بلادنا، فلن نجد إعلاناً أمام محل تجاري يرحب بنا، ويعرض علينا تخفيضاً يصل الى 50% و60%، أو يقدم تنزيلاً للموسم:

(Bay one get one free / Bay one get one 1/2 price / 2 for 1 / 3 for 2)
اشتري واحدة والأخرى مجاناً أو اشتري واحدة والثانية بنصف السعر، أمور ٌلا نعرفها.
لا نعرف بطاقات التسوق التي تمنحك تخفيضاً يزداد بازدياد مشترياتك، أو أن تتحصل على بطاقة عند شراءك بقيمة معينة تمنحك تخفيضاً أكبر في موسم التخفيضات.
أذكر أنني كنت أجادل الباعة والتجار -في طرابلس- ليمنحونني تخفيضاً ديناراً أو دينارين، وأجد ذات البضاعة تباع في مكان آخر بنصف السعر وأحياناً بأقل من ذلك بكثير(كل تاجر يغني على ليلاه)

على ذكر التسوق والتجارة، تركت طرابلس ونصف الأسواق الكبيرة تختفي من الوجود، ترى إلى أين وصلت عملية التدمير الشنيعة تلك؟.

منذ وصولي هنا وأنا أشتري الكتب، فمنحتني المكتبة (WH smith )، بطاقة لتخفيض إضافي، لموسم التخفيضات في عطلة الايستر، الذي يتراوح بين الـ20% و60% في الكتب المعروضة والبطاقة تمنحني 20%، خصماً إضافياً من ثمن الكتاب-تخيلوا-.

النهاية، طبعاً سعيدة، فلقد تحصلت على كتب قيمة بسعر زهيد، وماذا أيضاً، هناك كتب تحت التخفيض قبل الموسم، فعلى سبيل المثال: ثمن الكتاب 25 باوند، خفض سعره الى5 باوند وينطبق عليه تخفيض الموسم، ومع بطاقتي الـ20% كان سعره النهائي باوندات قليلة، أي قروش لا قيمة لها مقارنة بالسعر الأصلي، (هذا كله دون أن أجادل البائع ليرأف بمحفظتي الفقيرة بالنقود) وملئت مكتبتي بالكتب، خاصة كتب الطبخ الذي وصل عددها إلى ستة كتب في أقل من شهر ونصف، ولا ينقصني الآن إلا أن أملء معدة زوجي بالأطايب، بدلا من مشاهدته الوصفات وصورها في الكتب بتحسر. اعذروني واسمحوا لي بأن أُغفل وصف المكتبة الشاسعة، يكفينا حسرات التخفيض، وذكريات مكتبات طرابلس الحبيبة.

الجمعة، 18 أبريل 2008

الكثير من الاكتشاف

زوجي في عطلة وهذا مناخ جيد للكثير من الاستكشاف. الثلاثاء8/4/2008
رحلة إلى متحف العلوم (discovery museum):

خرجنا صباحاً -طبعاً سيرا على الأقدام-، فقد سبق وأن أخبرتكم عن الاتفاقية المبرمة بيني وبين زوجي، نقطع الطريق سيراً على الأقدام وثمن تذكرة الحافلة أشتري به قطعة شوكلاتة، ما رأيكم؟
خرجنا وكانت وجهتنا متحف العلوم والاكتشافات (discovery museum)، الدخول مجاني لكل الزوار، الزوار اللذين ستستقبلهم السفينة توربينا عند مدخله، لتحكي قصة الانجازات العلمية، وهي السفينة البخارية الفريدة في عصرها، سنة1884 قلبت هذه السفينة موازين عالم الملاحة، فكانت السفينة الحربية الأسرع التي بلغت 40 ميل/ ساعة (هذه السرعة لا ينظر لها في أيامنا).

المعرض يحوي كل ما له علاقة بـ(توربينا)، وبطاقمها، من ثياب ومذكرات وأدوات، وهذه نماذج من عرضها.

(توربينا) التي يفتتح المعرض مدخله بقوامها الرشيق، يدعوك للمتابعة، في أدواره الثلاثة، ويرحب بك في مزيج من كل تاريخ نيوكاسيل وبريطانيا أيضاً.

سيدة سورية مع طفلها، تصلي لإلهة الماء التي حمتها معه، حتى وصولها الى نيوكاسل، وتقدم فواكهها قرباناً، (تخيلوا سيدة سورية هنا في نيوكاسل قبل مئات السنين؟، ترى كم من الوقت استغرقت رحلتها حتى تصل؟، أما أنا فرحلتي إلى نيوكاسيل من طرابلس الحبيبة مروراً بأمستردام استغرقت حوالي السبع ساعات)، عندما سقطت عيني لأول مرة على مجسم المرأة، لاحظت أنها بملامح عربية، وعندما قرأت ما كتب عنها، استغربت وصول امرأة من الشرق إلى هنا في ذلك الزمان، لكن ما يلغي الاستغراب أن حدود الإمبراطورية الرومانية كانت تضم الشرق الى الغرب، وهكذا جمعت سوريا ونيوكاسل.

ماذا نأكل:

لوحة حائطية أهم ما شدني إليها، أن السيدة تخبرنا، إن غذائهم يتكون من التمر والتين واللحم المطهو بالكثير من التوابل (ولا تمرَ هنا في نيوكاسيل وكل الغرب، ولا توابل أيضاً، إذا ما هو إلا تبادل حضارات، بين الشرق والغرب، والذي لا تهنأ بعض العقول البشرية المريضة، حتى تقلبه إلى حروب ومرارات!، كم ذلك مؤلم)
الصور التالية، بعض مشاهد من مآسي الحروب، الأسلحة التي استعملت فيها وما يمكنه أن يتعلق بها

سيدة أتت من سوريا تشكر الآلهة، وسيدة أخرى من ليبيا مقاتلة (يا عيني ع الليبيات).

بعض السجون ومشاهد التعذيب (كنت معتقلة في ذلك الزمان البعيد ومعذبة وتمكنت من الفرار والعودة إلى الديار، والصورة دليل/(من اللي يقدر ينفي أو يعارض؟؟!!)

أدوات طبية كانت مستعملة، بعضها كان يتسبب في مقتل المريض بطريقة مباشرة.

ثياب وملابس للسيدات في القرنين الماضيين:
سيدة متقدمة في العمر توبخ فتاة انجليزية (يبدو أنها ابنتها)، وتمنعها من الخروج بثيابها غير المحتشمة وبكل تلك الزينة، (الحشمة في الثياب والملبس الان جزء من تاريخ الدول الأوروبية، ويعرضونه في متاحفهم!)
الحرب العالمية وويلاتها: أم تهتم بابنها، صورة من حياة الأهالي في الخنادق، مجندة في الجيش، ممرضة تداوي الجرحى، جندي انجليزي على الجبهة.
صور لاختراعات علمية، ومراحل تطورها.
أنظروا الى هذه الدراجة!
ليس هذا كل شئ، فالمتحف لا يزال زاخراً، سأكمله معكم في مرة لاحقة
إلتقاطة"1":
المتحف يزدحم بالأطفال، مع ذويهم، وفي جماعات، يتعلمون معنى الاختراع، البعض يجلسون في دوائر يرسمون ويلونون، آخرون يجلسون أمام شاشة عرض كبيرة تحكي قصص لأبطال ومخترعين من المدينة، (يا حسرة على أطفال بلادي، يأكلهم إسفلت الطرقات).
إلتقاطة"2"
مراهقون انجليز يعبثون بمحتويات المكان، ضجيج وصراخ (أوضح أنني أبداً لست متجنية على شبابهم اليافع).
في طريق عودتنا مررنا بالحي الصيني، الذي تعلق زينته على المباني والجدران، لسبب أجهله، دخلنا المتاجر الصينية، وابتعنا منها البهارات الشرقية والعربية.

وعدنا بيتنا

الأربعاء، 16 أبريل 2008

البحث عن فاطمة

من أعمال التشكيلية الليبية/ أمينة العتري
أحيانا أخمن ماذا يحدث لو عثر/عثرت إحدى جاراتي الليبيات (هنا في نيوكاسل) على مدونتي وفضح أمري؟ إن أسوء مخاوفي هو فقداني لمادة المدونة أو بالأحرى مصداقية مادتها.

المصداقية التي تأتي بها عين تلتقط بعفوية دون محاباة.
غادرت ليبيا وتركت ورائي صديقاتٍ غالياتٍ على قلبي، أقل ما أقوله عنهن أنهن ما ادخرته في هذه الحياة من نفائس، فاطمة غندور وحواء الحافي وأمينة العتري وآمال الترهوني ود.ثريا وصديقتي زينب عيواز، هالة الطياري.
فاطمة، إذاعية وممثلة مسرحية، ومهتمة بالأدب النسوي الشعبي، والحكايات التراثية. (أبلة العلوم) هو شهرتها في منطقتنا، فقد كانت تدرس مادة العلوم في عصر التعليم المنزلي الذهبي، عبر شاشة إذاعة الجماهيرية، هي جارتي، تقول فيروز: (نحن والقمر....جيران).
صاحبة صوت عذب وإلقاء هادئ للكلمة، لا تنافس فيه، لطالما كانت لي مثال الأخلاق الرفيعة والشخصية الراقية.
حواء الحافي، شاعرة وكاتبة ليبية، درستني مادة اللغة العربية لسنتين متتاليتين، في المرحلة الثانوية وتركت في نفسي عميق الأثر، وفي كل حياتي، فقد دخلت الفصل يوماً واتجهت نحوي لتخبرني أنها قد رشحتني للاشتراك في المسابقة الأدبية الثقافية، التي يقيمها مكتب تعليم طرابلس، وتريدني أن أشارك في مجال الكتابة الإبداعية (القصة/المقال)، لأزال أذكر ذلك اليوم، وذاك الفصل في السنة الثانية ثانوية قسم/علمي، وقولها: كريمة مواضيعك الإنشائية مميزة ولك أسلوب جميل.
الحقيقة أنها أيضا كانت تختار لنا مواضيع مذهلة للكتابة، مواضيع تفجر كوامن دواخلنا وتطلق إبداعاتها، وهذه أمثلة، (من أنا)، (محاولة لكتابة قصة)، (صدى لقصيدة)، كانت معلمة مختلفة.
شاركت في المسابقة مع فتاة أخرى، تتفجر قريحتها شعراً، أذهلت لجنة التحكيم وكل المتسابقين، روعة قصائدها وارتجالها وإلقائها، كانت أعجوبة، لا زالت قصائدها ترن في أذني، وآخر خبر عرفته عنها بعد أسابيع فقط من العطلة الصيفية ذلك العام، أنها تزوجت وتركت الدراسة.
تلك الفتاة فعلا كانت شعلة قصيدة، (الله يحميها أينما كانت).
حصدنا الجوائز في تلك المسابقة، فتحصلنا على الترتيب الأول في كل من القصيدة الفصحى والعامية لصديقتي، والترتيب الأول لي في القصة القصيرة والمقالة الأدبية على مستوى الجماهيرية، تحت رعاية (الابلة حواء).
حواء وفاطمة صديقتان مشتركتان لنا، أنا وزوجي، في مكتب حواء بمجلة البيت في المؤسسة العامة للصحافة تعرفت إلى رامز النويصري (زوجي).
فاطمة وحواء فقدت الاتصال بهما، بعد وصولي نيوكاسل، فحواء لا تهتم بالانترنت وما يتعلق بالكمبيوتر، وأضعت عنوان فاطمة (إيميلها، من يعرفه يجود به علي) ولا أزال أبحث عنه وعنها.
أمينة العتري، فنانة تشكيلية مجنونة فناً، كنا نعبر شوارع طرابلس معاً، وحين نتعب نتجه إلى (البرعي)، المطعم الليبي البسيط الجميل طيب الذكر والمذاق، الخفيفة على الجيب أسعاره.
آمال الترهوني صديقتي الأصيلة، (بنت العايلة) المكافحة والواقفة في وجه غول الحياة اللئيم، يوم مغادرتي ليبيا، وصلت بيتي عند السابعة والنصف صباحاً، وحتى الظهيرة، لم تتركني، وقفت تودعني، حتى غابت سيارة أخي في إسفلت الطريق.
زينب عيواز، زينب صارمة عنيدة، هي كما أقول عنها دائما، وحدها (تقدر أن تقول للصح قف إنك خاطئ) ما انحنت يوما، أمام مغريات الحياة ومساوماتها الرخيصة، رفيقة دربي عبر أيام الدراسة المريرة في كلية الطب البشري.
كل المرارات نشترك فيها معا، وحلم يذبل يوماً بعد يوم، قص الواقع ريش جناحيه، وترك فضاءه للصقور المحلقين في الجو، في كلية دخلناها والعالم حولنا بألوان زهرية، لنستيقظ على قسوة حجم الفساد المتعفن في مكاتبها.
لك الله يا كلية الطب البشري.
د. ثريا، جارتي وصديقتي الحبيبة، النقية التقية الصافية، الأم المباركة، أختي التي لم تبخل بالنصيحة بالدعاء لي يوماً، الغالية على قلبي، تصارع مرضا شرساً، (يارب اشفها، لأجل أطفالها، ومد بعمرها).
هالة الطياري، فتاة جبارة رغم ضآلة الجسم الذي توقف عن النمو ليبقيها في هيئة الثانية عشر عاماً، طبيبة أطفال، تريد متابعة دراستها الدقيقة في دولة أوروبية، والتبحر في علوم الوراثة والجينات، أسميها العملاق.
من يقول أني أبالغ؟؟؟؟.
ومن يدور في ذهنه أنني لولا هذه الغربة وهذا البعاد ما كنت لأنشد فيهن مديحاً.
صدقوني هن من صفوة الفتيات والنساء في ليبيا.
تركتهن وغادرت.
لا أزال أبحث عن صديقة هنا، وجاراتي الليبيات جاراتي، أحترمهن، لكن ولا واحدة منهن أشترك معها في جنوني ومجازفاتي، هن سيدات مشغولات بأسرهن وتفاصيل الحياة اللا معتادات عليها.
صديق مصري لنا، يدعى نبيل، هاتفني هذا الصباح وأخبرني أن فتاة انجليزية تدعى (هيلينا) ستتصل بي، هو لا يعرفها، فقط يعرف والدها، لكنهما، أي نبيل ووالد هيلينا، يتوقعان انسجامنا، والله أعلم.
وأنا في انتظار مكالمة هيلينا لتحديد موعد نلتقي فيه.