الجمعة، 29 مايو 2009

حكم الله نافذ

حكم الله نافذ
إن صبرتم أجرتم وحكم الله نافذ وإن ما صبرتم كفرتم وحكم الله نافذ
كل ما فقدنا عزيز او قريب تقوللنا الحكمة هذه برصانة، مؤمنة بيها تعلم فينا الدرس، علمتني إن ما صبرت كفرت وحكم الله نافذ.
أمس 28/5/2009 انحطيت في الامتحان وفقدتها، الله يرحمك يا جداي، أكثر من عام ما شفتهاش وإن كان صبرت أُجرت وان ما
صبرت كفرت وحكم الله....نافذ

الأربعاء، 20 مايو 2009

بين إليزابيث وذهيبة(والفرق.. إن ذهيبة بنتكم يا ليبيين)

السنة الماضية خرجت قضية قلبت الرأي العام رأس على عقب هنا في بريطانيا، و كل دول أوروبا، وقلبت رأسي قسوتها ومرارة وحشيتها، ولا أعرف أي انعكاس لها خلال وسائل الإعلام العربية، لأنه بسبب حاجتنا لتطوير لغتنا الانجليزية قررنا إزالة جهاز(الستلايت) من البيت، وتركنا المجال للإذاعات الانجليزية فقط تمرح على شاشة التلفزيون.
باختصار قضية الفتاة النمساوية إليزابيث التي احتجزها والدها في قبو أسفل البيت منذ كانت في الثامنة عشر، ولمدة 24 عاماً أنجب من خلال علاقته بابنته، 6 أطفال، والفتاة لم ترى النور خلال كل تلك السنين.
لا أريد الخوض في قضية هذه الفتاة إلا عموما فقد أعيد إحيائها، الأسابيع الماضية بعد أن بدأ القضاء النمساوي النظر في القضية وإصدار الحكم، وأنا تابعتها بكل تفاصيلها، تابعتها في مختلف الصحف المتاحة لي، وفي نشرات الأخبار، وعلى شبكة الانترنت، وليس ذلك من باب المصادفة؟.
ربما لأنني كنت أعرف حالة مشابهة لهذه الـ إليزابيث ، غير أنها ليست نمساوية، بل ليبية مسلمة وتدعى (ذهيبة). تلتقي قضيتا الفتاتان في خطوط وتختلف في أخرى، فذهيبة راحت ضحية إثم وجرم والدها، إلا أنها لم تظل سجينة لقبو أو سرداب، بل خرجت للشارع.
غالباً ما تخطر ببالي هذه الفتاة، وكل مرة تطلقها ذاكرتي لي، تتيبس عروقي ويضيق صدري، أشبه باندفاع جرعة سم زعاف في جسمي، ليس نافثاً من أنياب أفعى بل من أفعال البشر.
لا أزال أذكرها من حين لحين، تلقيها الحوادث في وجهي، بين أزقة وشوارع طرابلس ترش أسرارها بين أحياء نيوكاسل ومدن النمسا، يتشابه البشر في كل شيئ حتى في آثامهم مقتسمين ذات السحنة، أجد لها نسخاً كثيرة تحمل ذات الدلالة، ضحايا مَن هؤلاء؟
وللذكرى بداية تعود لسنين، وعشية طرابلسية جميلة و(شاهي بالنعناع ومكسرات)، وأنا وصديقتي كنا نحضر لامتحان معقد، وأذنت لنا أمها براحة لنصف ساعة نروح فيها عن أنفسنا قليلا، حينما رن جرس الباب ودخلت الجارة التونسية، وهي مطلقة رجل ليبي أنجبت منه بنتان وولد، ممتلئة الجسم، رثة الثياب، يخلو فمها تقريبا من الأسنان، تعقد منديلا صغيراً(تستمال أو محرمة) تحت ذقنها، يظهر أغلب شعر ناصية الرأس المجعد، والمحتاج إلى تصفيف. استقبلتها أم صديقتي بترحيب حار وردت عليها ضيفتها تحيتها بصوت عال وأكثر حرارة. تلحق بالسيدة التونسية فتاة عرفت أنها في الخامسة عشر من العمر، أخذت من ملامح الأم الكثير، غير أنها في كامل الأناقة ونظافة الهندام، جمعت كل الخجل من العالم وانزوت في ركن بجانب الباب الرئيسي، تكاد تبتلع نصف يدها توتراً وارتباكاً، محمرة الوجنتين من ترحيب أم صديقتي بها، وقد أرادت العودة إلى بيتهم رافضة الدخول لغرفة الضيوف، لكن أم صديقتي حلفت بأغلظ الأيمان أنها لن تغادر فــ(طاسة الشاهي ساخنة تركرك)، لتوشوش الفتاة عن سبب إحراجها سراً لام صديقتي التي لم تحفظه ثانية، وضحكت بصوت عال:
- غمضي يا كريمة عيونك انت رانك اللي مش مخلية البنية تخش.
(أنا، مش مخليتها تخش!!!)، أنا أجلس في حالي، ولا اعرفها ولا أمها، فكيف امنعها من الدخول ، جالت الفكرة في ذهني إلا أن أم صديقتي قطعتها بضحكة مجلجلة:
- خشي يا حنة خشي، البنية شخشيرها مشرك ومتحشمة منك يا كريمة، قالت ما تعرفنيش وأول مرة تشوفني تشبح شخشيري مزق.
(وكرتها أم صديقتي كراً) إلى الغرفة.. وقد دارت عيناي في راسي أبحث عن الجورب الممزق في قدمي الفتاة فلا أجده، هو فقط جورب أبيض عادي(نظيف) يوجد به ثقب عند (الصبع الكبير)، وأردفت معلقة:
- وينه اللمزق، هذا مزق، تعالي شوفي شخاشيرنا.
وكانت (طاسة شاهي منعنعة بالحق) حتى سألت أم صديقتي جارتها عن حال ابنتها ذهيبة، وردت الأم بإسهاب:
- ليا أيام ما ريتهاش وشريتلي موبايل (وكان الموبايل غالي جدا وقتها) قالتلي نكلمك عليه ولليوم ماتصلتش. جتني الأسبوع اللي فات باتت عندي لكن.. نص الليل كلكسولها صحابها طلعت من فراشها واحنا راقدين، قتلها هذا غير بتباتي عندي وخلتني ومشت.
وكأنني لم اصدق ما سمعت، فلأول مرة في حياتي يحدث معي مثل هكذا موقف، أم تتحدث دون وجل عن ابنتها التي خرجت منتصف الليل مع(صحابها)، في حين بدأت أم صديقتي بالدعاء الصالح للفتاه بأن يهديها الله، فقد تتوب يوماً، وتعود إلي بيتها وأمها وستجد ابن حلال وتتزوج.. فقاطعتها الجارة بلهجة تونسية قاسية:
- ذهيبة خلاص إنا قاطعة الرجاء منها.. غير تجيني مرة مرة ونشوفها حية ساد فيا، المهم عندي البنية الصغيرة هذي اللي انا خايفة عليها، لكن ذهيبة هذا مكتوبها وهذا اللي ربي كتبه عليها.. هذي بنتكم يا ليبين وهذا اللي درتوه فيها.
ومع أنني كنت (الأطرش في الزفة) مصعوقة ومصدومة من هول ما أسمع، فلم اعتد هكذا تصريحات من أمهات حتى عن أبناء منحرفين عرفوا بالفساد .. غمزتني صديقتي، وفهمت قصدها(سأشرح لك لاحقاً).
وغادرت الأم وابنتها الخجولة بعد دقائق، فورائها واجبات منزلية متراكمة نتيجة خروجها منذ الصباح الباكر للعمل حتى تعيل ابنتها، وقفزت صديقتي نحوي لحظة خروج السيدة من الباب تلحقها أمها وبدأتا متطوعتان في سرد حكاية مريرة تسمى ذهيبة.
بنية كانت تقرا في الإعدادي مواليد1978 وخوها مواليد 1980، و وخيتها بنية صغيرة عمرها سنتين أمها تونسية متزوجة من بوها اللي في نفس الوقت ولد خالتها.. الزوج سكير مدمن على الكحول، والسكرة تجيه على زوجته يضربها لين يخلي دمها سايل، مرة ورا مرة وطريجة بعد طريحة كبر بيها الهم وفي يوم سكر سكرة باهية وضربها بوحشية لين كسرلها سنونها، خذت الأم بنتها الصغيرة اللي قاعدة في حجرها وروحت لتونس، وخلاته مع ولده وبنته.
يا ريت الأمور وقفت عند هذا الحد، الأب المخمور، يجيب في جماعته ويشربوا مع بعض في الحوش اللي فضي من حد عاقل يحط للفوضى ضوابط، يحمي طفلة من تحرش صحاب بوها السكرانيين بيها. ذهيبة مشت لحوش الجيران، المرا ة صاحبة أمها، والبنت صديقتها وتلعب معاها في الشارع وتقرا معاها في المدرسة(اللي هي صديقتي وعائلتها).
البنت لجأتلهم وشكتلهم من ضيم لاحقها، وطلبت منهم يخلوها تبات عندهم في الليل بس لما بوها يشرب، الأم ما قالت شي لكن الوالد رفض بشدة وقال هذا راجل ما يتحشمش وبتاع طاسة، وفكونا من المشاكل معاه، والدة صديقتي حاولت مع زوجها بكل الطرق لحد ما ولت مشكلة بيناتهم و وصلت لدرجة انه هددها بالطلاق لو فتحت الموضوع مرة ثانية.
لكن هل انتهت المشكلة واقفل الموضوع، الباب تصكر في وجه البنية وقالولها باتي في حوشكم، وزادت وصتها ام صديقتي صكري باب الدار عليك بالمفتاح، باش ما يخشلكش حد، وما خشش حد عليها، لان والدها في مرة كان مخمور وخش على بنته واغتصبها، اللي طلعت بعدها للشارع. ولما وصلت الأخبار الام في تونس رجعت على وجه السرعة لكن فات الأوان وكل شي خرب.
الأخ كان واخذ نصيبه من الضرب والشتائم، وكبر ممحوق الشخصية، قاعد مع أمه في الحوش لا يهش ولاينش، عنده حالة نفسية، ويشتغل في القهاوي وكل ما يعرفوا أصحاب المقهى أو العاملين اللي فيه انه اخته هي(ذهيبة) اللي ولت صاحبة سمعة(....) يطلع ويسيب الخدمة.
بعد ما عرفت القصة هذي بشهور خبرتني صديقتي إن ذهيبة جتها للحوش وطبعاً من فم الباب، ورتها نتائج تحليل تبي تعرف شنو فيها.. نتيجة التحليل كانت تقول إنها حاملة لمرض الايدز، وبعد كل هذه السنين على الأغلب ذهيبة تكون ماتت، أو في أفضل الأحوال على فراش الموت.
بنت خذلها والدها، وخذلها الجيران والقضاء والقانون.
أين القانون في بلادي، لماذا لا يوجد لدينا مؤسسات خدمات أسرة وطفل(حقانية) مثل الموجود في بريطانيا؟، لماذا طفل صغير في روضة أطفال يحكي لمشرفته أن جدته تقول لامه: انك ما تجي شي الا(كلبة وخادمة). تبلغ المشرفة، وتتقلع الشرطة وتصبح محكمة وعدل وقانون وتتحاكم الجدة(الباكستانية) اللي جايبة ثلاثة كناين من الباكستان ومانعتهم يطلعوا أو يخشوا، وتخدّم فيهم ليل نهار شغالات تحت شعار إنكم(خدم وعبيد)، ليش ما عندناش نظام شرطة زي بريطانيا، ليش ما عندناش الرقم المجاني 999 إلي تتصل بيهم وفي سرعة الصاروخ يكونوا عندك، يا سيدي بلاش 999 ديروها 888 والا777 وإلا أحسن شي000، ثلاثة أصفار على الشمال زي قيمتنا في بلادنا، ليش هما عندهم خط مجاني مفتوح لخدمات الشرطة والإسعاف، خدمات حقيقية مش تلفيق، وأدق من هكي، غير جيب سيرة العنف الأسري، يشمشموا وراه تشمشيم، صاحبتي من احد دول الخليج العربي، ولدها طايش شوية صغير ومزوجاته من فتاه عراقية، تعارك معاها مرة، علّى صوته عليها يسحاب روحه في بلادهم، علت زوجته حتى هي صوتها، وردت عليه وفي لحظة يلقوا الشرطة فوق راسهم، يحتجزوه ع الكنبة وتلف الشرطة في البيت تفتشه، كيف صار هكي، بسيطة الجيران سمعوا الحس العالي واتصلوا بالشرطة، تقدروا تقولولي قداش مرة صار في بلادنا إنها طبلت وزمرت وما حد قدر يدير شي، ما سمعتوش مرة جاركم قالب الدنيا على صغاره وإلا بنت عمك مروحة حرجانه ضاربها راجلها، ما شفتوش مرة عركة في السوق والراجل يسب في مرته قدام الله وخلقه، وما أكثر الحكايات عن واحدة ضربوها حماوتها، وإلا خنقتها أم زوجها، ليش ما فيش قانون حمى ذهيبة واللي ممكن يكون في موقفها أو موقف زيه أو شبيهه، أي حد ممكن يكون في ظروفها، أي حد ممكن تنحط بنته أو أخته في وضع زي اللي نحطت فيه بنية اسمها ذ هيبة، عارفين الغرب فيه هلبة لبز وجرائم أسرية، وشذوذ جنسي ومرضى نفسيين يعتدوا ع الأطفال وحالات اغتصاب وبلاوي زرقة زي اللي صار مع النمساوية إليزابيث، لكن أول ما بان خيط حقيقة خدتلها العدالة حقها، لان وفوق كل شي في حاجة في أوروبا هي قهرة فينا إحنا الشعوب المتخلفة اسمها القانون، قانون فوق الأبيض والأسود، فوق الغني والفقير، فوق الرئيس وعامل النظافة وما فيش استثناءات، كلمة قوية وميزان مضبوط: القانون والعدل.
تتوقعوا قداش في واحد يعرف بقصة ذهيبة في شارعهم وقداش قصتها مشهورة، شن صار، من تحرك، غير الناس اللي تحكي فيها لبعضها على طاسة الشاهي زي ما وصلتني وزي ما أكيد واصلة غيري ما نقولش الا يا (قهرة وحسرة)، يا ذنب ذهيبة في رقبة منو؟ وإلا على قول الأم التونسية:
- هذه بنتكم يا ليبين وهذا اللي درتوه فيها!