الثلاثاء، 23 مارس 2010

قتلي في خمسة أيام/مهداة الى رامز النويصري

في ليلة غائمة انهمك زوجي في قراءة نص روائي أرسله له صديق عزيز هو كاتب الرواية التي لم تنشر بعد، وقد اعتادا تبادل النصوص والقصائد وهذا ليس بجديد، غير أن الاختلاف في هذه المرة هو عنوان النص الذي لم يثر فيّ أي اهتمام بادئ الأمر:

(كيف تقتل زوجك/زوجتك في خمسة أيام).
الرجل بدأ يقرأ، ثم انهمك واستغرق واستلهم وراح يطرح أسئلة أضجرتني: ماذا لو؟ وماذا إذا؟ ومن عاداته أن ينام باكرا ليصحو باكراً فقط ليس تلك الليلة! فقد سرقت طريقة القتل الخماسية النوم من أجفانه وظل ساهرا عندما أنهكني النعاس لأعود واستيقظ عند الساعة الثالثة صباحا فيفاجئني انه لا يزال منكب عليها، لا أدري لماذا بدى لي وكأن شعره منكوش، وكأنه ليس بالسحنة التي اعرفه بها، وكأنه لا يقرأ وكأنه يدبر أمرا ما وكأنه سـ.....؟
صورة ديك (سواني الهاني) كما يحب تسميته بريشه المنفوش الأحمر و وقفته الذكورية المتغطرسة مدقوقة على الحائط منذ زواجنا، انه هناك ليذكرني به عند غيابه، هذا هو الشعار الذي رفعه بعد أن دقه في الحائط، الديك اهتز وبدأ كأنه يريد التحرر من الإطار. كأن الماء الذي قطعت خلوة نومي لأشربه سماً كأن زوجي بدأ يخطط لقتلي وعليّ حساب الأيام فهذا اليوم الأول من أيامي الخمسة المتبقية وقد مرّ.
اليوم الثاني: هاتفت زوجة صديق زوجي الكاتب وهي صديقتي لأشكو لها ليلة الرعب التي أمضيت واحتج على تحريض زوجها..توقفت عن الثرثرة وبلعت لساني عندما راحت تدافع عنهما، لا مجال للشكوك لقد أكدت لي نفسي أنها شريكتهما.
اليوم الثالث: هذا نصف الطريق لجريمة قتلي القادمة ودون أن أقرا أي حرف في الرواية تبنيت موقفا ودافعت عنه، دخلت خانة الارتباك.لن يسرقني الوقت عليّ الذهاب إلى مركز الشرطة
والتبليغ عن الجريمة النكراء والدليل وأداة الجريمة موجودان ، تلك الرواية، وعلى قوات الأمن اقتحام المكان وتفتيش منزلي حتى تحطيمه إن أستدعى الأمر فلنتأكد انه لا وجود لنسخ إضافية منها قد تنتشر وقد تخرج عن نطاق السيطرة لا أحد يضمن العواقب، عليهم جميعا قوات الشرطة والأمن والجيش والمخابرات ضبط الثلاثة ومراعاة عدم السماح لعناصر الوحدات أو المحققون بالاطلاع على الرواية فهذا ليس من شأن العامة ومنع الصحف نشر الخبر والتأكيد في نشرات الأخبار على ازدهار الثقافة بمنح الناشر رسالة شكر وتقدير وإقامة معرضا مدفوع التكاليف لمصمم الغلاف.
الماء ليس سما والرواية ليست جريمة، الديك الواقف على جدار حائطي يبكي (سانية) تحولت إلى حجارة ونخيل مسمط في الحدائق.
خوفي وهواجسي وخيالاتي وهلوستي ليست عبثا، هذا الزفير الناتج عن سطوة الكلمة والقوة الكامنة في حروفها، هذه نقاوة الفكرة ليست بالشئ الهين، بعد أن أخذت نفسا عميقا اقر واعترف: مرحبا بموتي في خمسة أيام.

الخميس، 18 مارس 2010

ليبيا لمت الناس/الجزء الثاني

فكرت في إدراج جزءا ثانياً بعد خلل تقني اجهله في المدونة منعني من كتابة تعقيب على التعليقات الواردة حتى فات الأوان، التعليقات لفتتني لوجه آخر من الحكاية.

في بداية الحديث كل الشكر والتقدير للإخوة الذين منحوني جزءا من وقتهم ومروا على المدونة، وشكر خاص جدا لكل من ترك كلمة.

هذه التجربة، تجربة أخرى:

العلاقة بين مصر وليبيا أخالها معقدة وقديمة، فمثلا ما يحضرني الآن هو تلك المشادة الانترنيتية الحامية فترة ماضية حول مقطع فيديو يصور هجوم بعض المصريين على سيارة تحمل لوحة باسم ليبيا في الاسكندرية، يموهك المشهد أن المصريون قتلوا الشاب الليبي ولتكتمل مأساة القصة تخبرنا أن شاباً ليبياً دهس امرأة مصرية أو هما امرأتان وهرع من سيارته ليسعفها أو ليسعفهما فالتقطه بعض( البلطجية) وأشبعوه ضربا وركلا حتى قتلوه.

مشهدا كهذا يعميك إلا من رغبة في الانتقام والتدمير، إنها نار الفتنة ولا شك، خاصة أن نهاية هذا الانفعال إن الليبي الذي حُطمت سيارته بكل وحشية لم يمت وظهر على إحدى الصفحات الالكترونية وأدلى بدلوه.

يطرح احد الأخوة قضية وجود اللاجئين العراقيين في ليبيا والدور الذي لعبه الأساتذة العراقيين في هيكلة التعليم الليبي وخاصة العالي ويستشهد بنقاش جرى في إحدى المنتديات العراقية، هذا نص التعليق:

غير معرف يقول...

الاخت كريمة لما قريت العنوان قلت شنو بيكون الموضوع الهم كلامك حق وليبيا لمت الباهي والشين واكيد في ليبيين في بلدان الناس هادي غير مانعرفوش بيهم المهم باهي اللى في ناس اللى اعترفت انها كانت في ليبيا اني لقيت فلسطينية حتى هيا كانت عايشة في ليبيا وتخدم في وحدة من المحلات البريطانية بس مانكرتش انها عاشت في ليبيا فترة المشكلة مش هنى المشكلة اني كنت نفتح في مواقع ولقيت موقع فيه موضوع عن عراقيين في ليبيا وبديت نقرا في المشكلة بالرغم من ان الموضوع ماليشي علاقة بالليبيين لكن تعليقات جانبية خلت الموضوع يغير مساره اللى مستغربة فيه فيى واحد من التعليقات تو تلاقيه في الرابط تحت باسم خمائل الهاني تقول فيه لولا العراقيين الموجودين في ليبيا والجهود الكبيرة والمعاناة التي يقدمونها الى المجتمع الليبي ولوفرة الكفاءات العراقية الهائلة ما كانت الجامعات الليبية تقدمت وخرجت دفعات كبيرة من الطلاب الليبين, تو نبي نسالك يا كريمة انتى قريتي في الجامعة قوليلي قداش عراقي قراك في كلية الطب وقوليلي من امتا وحنى معتمدين على العراقيين ماهو جو بعد المشاكل متاعهم والفترة الاخيرة متاع الالفين وبعدين مافيش حد علمنا بالمجان وبالعكس مع احترامي للعراقيين في بعض منهم لا ستاهلو انهم يدرسو وحتى لو في تلقى اقسم فيه 1 او اتنين مش اكثر وهذا ممكن في كلية العلوم لكن مش معناها ان حنى ماعندناش كادر تدريسي ولو ماجوش هما بتوقف عجلة التدريس!!! لو كنت غالط قولولي.

وهذا الرابط

لم أقرأ فقط التعليق أو اطلع على الرابط المصحوب به، بل فلّيت المنتدى العراقي صفحة صفحة وتبين لي الأكثر مما ذكره الأخ صاحب التعليق.

* * *

فما قولكم يا ترى حين تطلعون على هكذا أراء وهي ليست إلا أراء مهما كانت مستفزة؟، لا ألوم الإخوة المصريين ولا ألوم العراقيين، ألوم بلادي تركتنا نرتع رعاعاً بلا قانون، مطمع للعربي والإفريقي والأجنبي، ألوم فقرات ولوائح القانون المعطلة التي جعلتنا نهبة لكل من تسول له نفسه، أما عن الفساد الذي سببه أجنبي أو محلي (ولد بلاد؟) فقد وصلنا لحال من الانفلات لا اعرف إن سنرجع عنه، وفوق ذلك يظل أكثر إيلاما ذلك العبث من أناس تظنهم ضيوفك وتظنهم إخوة أو أبناء عمومة أو أبناء جلدة فمن من لم يعش أو يرى أو يسمع على الأقل عن الفساد الذي استشرى في مؤسسات التعليم العالي أو المتوسط بسبب العنصر الوافد، عن تزوير العملة أو تهريب المخدرات أو السطو والسرقة وجرائم القتل والاغتصاب وعدد و لا حرج.

ولنكون أكثر تفاؤلا وايجابيه لنلتفت لوجه آخر، يرينا تفاصيله بكل محبة وامتنان، فلا يتحتم أن يكون الفساد ظاهرة عامة وتهمة توجه لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو دينهم فنقع بذلك في فخ العنصرية بقدر ما قد يكون ممارسات شخصية لا يمكن نسبها إلا لمن اقترفها والتأكيد على عدم وجود أي رادع للمفسدين.

كان لنا نصيب ذات يوم أن نزور القاهرة ونشرب من نيلها (الملوث) ومن استقبلنا هناك من الإخوة والأهل المصريين لا أقل من كل الامتنان لهم والإجلال والتقدير.

لقد دعينا لمأدبة عشاء في بيت احد أصدقائنا، د.نبيل وقليل هم أمثاله، وكما هي عادته يفاجئنا دائما بما لا نتوقع، فمأدبة العشاء كانت (كسكي بالبصلة) هو من طبخه مع صحن (سلاطة ليبية وحكة هريسة) بعد يومين جميلين قضيناهما مع أخواله على أفخر المآدب.

ارتدى نبيل قميصا عليه كتابة (I love Libya ) وكل المعازيم كانوا ممن أقاموا في ليبيا فترة أو لا يزالون، من بينهم طبيب ومهندس كمبيوتر وقبطان ومغني أوبرا، كان فيهم من درس في جمعيه الدعوة الاسلاميه، الطبيب هو أخصائي قلب يبحث عن عروس، درس في جامعة سبها ويشترط في عروسه أن تكون ليبيه، لكنه لم يجد؟ وأخوه يدرس علوم الكومبيوتر بعد إنهاء المرحلة المتوسطة في ليبيا وانتقل إلى مصر، قبطان كانت خطيبته مصريه مقيمة في ليبيا وهو أيضا لكنه غادر.عائلة من زوج وزوجة كان الزوج يعمل بليبيا، أما (روبرت) مصري قبطي مسيحي عاش اغلب حياته في زاوية الدهماني ودرس في مدارسها، ملء الأجواء بحماسة ابتدأها من الهتافات والأناشيد إلى الأغاني الليبية.

كان من ضمن الحضور أيضا مغني أوبرا وشاب أمريكي أذاقوه المصريين المرار في تحقيق فُتحوه معه عن: ما هي النوايا الأمريكية اتجاه كوريا؟؟، النكته المصرية دائما هي سيدة الموقف.

فتاه هي طالبة فنون جميلة شاركتنا بهدوئها وأيضا زوجان امريكيان لهما 30 سنة بين بيروت والاسكندرية يتعلمان اللغة العربية ويعلمان الانجليزية، يرفع الزوج شعار: دائما الكلمة الاخيرة للزوج:...حااااااضر، كانت أجمل نصيحة للزوجي!.

السيد وئام وزوجته كنا قد التقينا بهما في ليبيا قبل لقائنا هناك في قاهرة المعز.

وضع دكتور نبيل شريط (النجع) لمحمد حسن كخلفية للعشاء، و(قصعة كسكسي)كبيرة على الطاولة لمن يرغب في سكب صحنا لنفسه من تلك (القصعه) أما اللذين يرغبون في تناول الكسكسي على الطريقة الليبية ويحنون لليبيا، سارعوا في (التقعميز) والالتفات حول قصعة أخرى في الشرفة وكانوا: زوجي، والقبطان والطبيب وأخ الطبيب وروبرت القبطي والأمريكي المطلوب للتحقيق حول نوايا أمريكا اتجاه كوريا وطبعا د. نبيل.

هذا يعني انه لم يبقى احد ليأكل في صحون فردية إلا أنا والزوجين الأمريكيان والزوجين المصريين والفتاة.

عقب العشاء، كان حديث ذو شجون لا أنساه وطرائف ومقتطفات بلهجة ليبية طليقة خالية من أي (لكلكة) مصرية، يقولون:

خالتي جت تزونا في ليبيا وكانوا عيلت (...فلان..)دايرين عرس اولادهم الزوز وعارفينهم العيلة هادي قداش فلوس، يوم الغذا اللحم على مفاصله وقعاد الكسكسي 4 انفار 4انفار والمشروب والخيمة في الشارع اللي يفوت يخش يتغذى راجل خالتي لين ماصادقش روحه وفي السهرية امي رفعت خالتي للحنة لما روحت خنقت راجلها قالتله (انا ما عنديش ذهب زيهم ليه) طلع حتى الذهب على مفاصله!!!!!!!!.

تحدثوا عن طرابلس شارعاً شارع وزنقة زنقة عن العائلات والبيوت و (السنفاز) والـ(فريبي ميزران) والبحر، يقولون أن ليبيا بالنسبة للمصريين كما سويسرا بالنسبة للعالم وفي غمرة الأحاديث لم ينسوا أبدا محاولة انتزاع أي اعتراف من الأمريكي الطيب:

عايزين تعملوا ايه في كوريا ما تقول بقى؟؟؟؟!!!

كريمة