"أما
آن لهذا الفارس أن يترجل"
دخلت الصحابية (أسماء بنت أبي بكر الصديق)، على (الحجاج)، وكانت عجوزا
كفيفة، وصلت المئة عام من عمرها، وقد قتل (الحجاج) ابنها (عبد الله بن الزبير بن
العوام) وصلبه، دخلت عليه تحاججه، لا
ترجوه في أن يُنزل جثمان الفارس المصلوب، بقولها: (أما آن لهذا الفارس أن يترجل!).
وتقول بعض الروايات أن الحجاج صلب (كلباَ)، أكرمكم الله أو سنورا
بجانب (عبد الله)، حتى يُغطي برائحة جثة السنور العفنة طيب المسك الذي كان يتضوع
من جثمان عبد الله بن الزبير. و السيدة الصحابية (أسماء بنت أبي بكر) وبالرغم من
قساوة المشهد إلا أنها لم ترى في وليدها المصلوب على أسنة العذاب إلا فارساً يذوذ
عن حماه وتمنت عليه أن (يترجل)، أي أن ينزل عن صهوة جواده.
لطمت الحجاج بكلماتها ولم تخشاه وهو الطاغية، حين وصف ولدها الشهيد
بـ(المنافق)، وألجمته بأن ابنها كان تقياً، براً بوالديه، صواماً، قواماً، وردتها
على الحجاج حين قالت له أنت (المُبير) الذي أخبرنا عنه رسول الله، عليه الصلاة
والسلام، و(المُبير)، الباغي المُهلك لقومه.
وحال وطني كحال، فارس مذبوح مصلوب على عيون الأشهاد، يشمت به القريب
والبعيد، تتناهشه القتلة والمارقين، وحالي كحال أم مرابطة، تكابر على الوجع بصبر
فلا ترى وطنها، إلا مغواراً، صنديداً، وإن كان أشلاء.
أيا "وطني"، أما آن لك أن تترجل، وتهدأ وتسلم، من أنادي فيك
فيسمعني؟. لا أبلغ من قول الشاعر (فاروق
اطبيقة)، حين يُطلقها مزغردة:
"طال رجانا، طال رجانا، طال رجانا، طال رجانا، نا والعين اللي
سهرانه، نرجوا في غالي ما جانا".
وأنا أعيدها، فأرسلها لوطني، ليبيا، ولبلدتي الصغيرة بني وليد
ولقبيلتي (ورفلة)، وأجد لا مناص من النطق باسم القبيلة، فقد ضاقت علينا حلقات الاستبداد
فمالنا نترفع عن مكونات مجتمعنا، مالنا لا نستثمرها بدل أن نستنكرها، لن تُبنى
دولة بقبليه، لكن تواجد القبيلة الإيجابي سيسهم في بناء دولة ذات سيادة وعدل ونماء،
سيكون لبنة صُلح ننجو به.
وندائي الى أهلي وأبناء عمومتي من قبيلة (ورفلة)، من كان منا مع
سبتمبر فإن سبتمبر قد انتهت، ومن كان مع فبراير فإن فبراير قد انتهت، وما نراه
اليوم الإ نزاعات السلطة ودوامات السيطرة، لم يبقى إلا وطنا، منهكا وجريحا ومترديا،
وهو ملاذنا جميعاً، معشر سبتمبر وفبراير، ونحن
من يربطنا الدم الواحد والأصل الواحد، ونحن من القبائل الأكثر عددا بل ومن الأكثر
شهامة وشموخا وكرماً، نحن (أبناء ورفلة) في شرق ليبيا وغربها، لا يطلبنا أحد في
ثأر، لا دم ولا عرض ولا مال، لم تكن لنا كتائب تسطو أو تقتل، ولا تنظيمات تغتال
وتفجر، فما بالنا لا نستثمر هكذا ميزة مهمة و رائعة، في لم الشمل و وحدة الصف
وإصلاح ذات البين ، وهو أمر والله عظيم، إن بدئناه فيما بيننا وصدقنا العزم فيه،
ليكونن هو مركب نجاتنا وأولادنا وشعبنا و وطننا.
وعلى وجه آخر، المصالحة ضرورة حتمية وقد ذقنا مرارات التهجير والقتل
والخطف والإعتقال، على (الهوية)، فلأنك (ورفلي)، فأنت مستهدف، ولن يشفع لك انتمائك
(الفبرايري) و لن يغوثك ولائك (السبتمبري).
أما آن لنا أن نتكتل ونتوافق بصلح يكون في التاريخ درساً يُعلم لكل
أجيال الدنيا. وحتى متى؟ تظلين (بني وليد)، مصلوبة على خوازيق الكراهية
والخلافات؟، ألم يحن الوقت لفارسك أن يأخذ بصهوة جواده ويدخل الميدان؟.
هناك تعليقان (2):
حقيقة اقولها لك
كتاباتك رائعة،فلقد كنت ا تابع كتاباتك منذ اكثر من ثلاث سنين
وبعد فترة من الانقطاع
تفاجات بتغير كتاباتك فلقد اصبحت مليئه بالالم والحسرة .
اتدرين ان تغير كتابتك يتوازي مع تغير مفهمومي للحياة ايضا
لا ارجو منك شي الا ان تواصلي الكتابة
فانتى من افضل وانضج الكتاب الذين قرأت لهم
واصلي ولا تقفد الامل
سارة من الزاويه ليبيا
يسعدنى ان اكون من متابعينك
إرسال تعليق