المقال
الذي كتبته في بداية حراك فبراير وعزمت على نشره في مدونتي، أرسلت منه نسخة لزوجي
عبر الإيميل الذي وصله فارغاً، وحذرني" ما تنشري شي يا كريمة توا لين نشوفوا
الوضع كيف" وأنا كلي عناد، سأنشره، لكني لم أجده، فجأة ضاع، بالرغم من نبشي
لجهاز الكمبيوتر، صفحة، صفحة، حتى فقدت الأمل وظننتني حذفته دون أن أدري، الان
أجده بعد ثلاث سنوات وأنشره والحمد لله وشكرا يا غازي القبلاوي
"صدق
غازي وكذب المحللون"
كريمة
الفاسي
نتجول
بين شوارع لندن ومساحاتها الاسفلتيه وحدائقه وساعتها الـ(بيج بن) والعين والمسلة
المصرية، وفي كل ركن تذكار لحرب قاسية أوجعت الجميع ويرفع أهل الضباب شعار(نسامح
لا ننسى) ويضعون رمزاً أوعلامة في كل شارع دُمر أو ضُرب بسلاح هتلر النازي، وأخذنا
الحديث من الحرب إلى الثورة ومرشدنا السياحي الثقافي هو الدكتور غازي القبلاوي
صديق الزوجي الصدوق والأقرب له، الملم بشؤون الانجليز وأحوالهم، وقال لي قولا لا أنساه،
قال:
يا
كريمة من صنع الثورة في أوروبا واخذ الحقوق من الإقطاعيين وعدل الكفة وجلب كل هذا
الرخاء هم الــ(Common People) أي عامة الناس.
وان
يبدوا هذا كلام في ظاهره عادي، ولا يحتاج إلى عبقرية ، إلا انه وقع في نفسي موقعا آخر،
فانا لم أحيا ولم ادرس ولم يزرع في ذهني فكر عن ثورة من عوام الشعب بل ما تعلمته
كانت ثورات وأقول الآن (انقلابات) عسكرية ، ثورة جمال عبد الناصر وثورة
القذافي أو هي ثورة دينية ، ثورة الطلاب
في إيران بقيادة الخوميني، وكيف يتأتي لعامة الناس الغير مسلحين والبسطاء
والكادحين والمتعبين من تكاليف الحياة بإضرام نار ثورة ضد حكومات وأنظمة مدججة
بالسلاح والشرطة وقوات الأمن والغاز المسيل للدموع والرصاص والموت، كيف لعامة
الناس إشعال ثورة بأيدي فارغة دون أن يكون هناك تدخل عسكري أو زعامة لرمز ديني.
حفرت
كلمات غازي في عقلي عميقا وأدركت أني احتاج أن اعلم ، فأنا لا ادري وادري أني لا
ادري؟.ومولعة أنا بالسياسة، بنشرات الأخبار
وبرامج التحاليل السياسية الإخبارية، بقراءة كتب التاريخ وسيرة القادة والزعماء،
محاولة فهم ما يدور حولي في عالم كبير وغريب
وثورة
يقودها العامة يا (غازي)، كانت (سوسة) في راسي وليست بذرة، تسرطنت فلم تنمو بهدوء
ودفع زوجي رامز ضريبتها من جيبه، ثمن أكوام كتب بعد أن أنهيت ما يوجد في مكتبته من
كتب قليلة عن السياسة، يبحث لي عن عناوين لمذكرات قادة وزعماء في الانترنت ويوصي ببعضها من دول مجاورة ولا تشبع دودة
الكتب في رأسي، تطلب المزيد فأنا لا أدري وادري أنني لا ادري؟، يخرج محلل/منجم
سياسي ويقول :بحر السياسة جف وهناك افق ممتد!.، أتابع حلقات (هيكل) بخشوع وأربط
تاريخاً يسرده مع واقع نعيشه، يدس كلاما في حديثه: "أرسل لي أحد القادة
يدعوني لبلاده وأنا أعتذر لن أذهب وأنا أعرف أنك تتابع برنامجي". أنا و
(هيكل) والقذافي، ثلاثة، أعرفهما ولا يعرفاني. يحرق البو عزيزي نفسه
فيخرج
الشارع التونسي ويخرج ثم ويخرج. سألت نفسي حتى متى؟ والى أين، قال التونسيين:
الشعب يريد اسقاط الحكومة، فهل تسقط؟!، ألاقي زوجي حين عودته من السفر وأبشره:
" التونسيون في الشوارع" فيرد علي مستهزئا: "وكان هذا شن
بيديروا". أحدث أقاربي عن حراك تونس فأجدهم لا علم لهم بشئ، ويقولون: "
هذا كله صاير في تونس، منك جديات".
وسقطت
حكومة بن علي، وضعت يدي على قلبي وماذا بعد؟.
عسر الثورة في مصر من زمن بعيد يراوح، لا تكتمل
ولادته، يجهض قبلها أو يولد ميتا.
يخرج
المصريون ثم يخرجون، ينامون على أرصفة الإسفلت في هذا البارد القارص ويملأون ميدان
التحرير خيم واعتصامات وكرامة فتقول أمي:
النجع
المبني في الميدان لحسني ما فيش
مكان
وصلاة
جمعة وراء صلاة جمعة والقلوب معلقة بميدان التحرير، وتنتصر الثورة ويغادر الرئيس
المصري سدة الحكم، وتقول أمي
النجع
المبني في الميدان قلعها عشة
سوزان
يطير
عقلي من راسي ، تأخذه الفرحة مني ، يحاول رامز مهاتفة صديقنا نبيل المصري فلا
نتمكن من الاتصال بمصر، اصنع كيك الشوكولاته على شكل علم مصر بألوانه الثلاث، الأحمر
والأبيض والأسود وأطالب:سآخذه إلى حماتي فأم رامز مصرية وهي السفارة والسفيرة لنا،
نبارك ونهنئ، يرفض رامز، اشطح بأفكاري:
خلاص
نخرج إلى الشوارع (الفليتشات الاربعة والكلاكس بيب بيب بيب بييييييييب)
يقول
رامز: اعقلي وقَرِّي في بيتك وفكيني من الهبال
يتصاعد
الموقف، فيحلف بالله لا قناة الجزيرة بعد اليوم في بيتي ثم يهدد، ممكن حتى
العربية،
يقف
الجدل بيينا ويخرج من البيت لقضاء أمر يهمه
وحين يعود يجدني أملاء جدران البيت باللافتات: الشعب يريد ....
لا
للاستبداد، لا للدكتاتورية....
يندهش
رامز مما فعلت، يستغربه/يقول: الله المستعان، هذا انا السبب فيه اللي طالقلك
ونشريلك في كتابات ونساير فيك.
أقول:
ماحدث
في تونس ومصر ليس درسا للحكام العرب فقط بل للأزواج العرب والآباء العرب اللذين لا
يسمعون للشعوب، للعامة من الناس
أهدأ،
واعتذر من زوجي واطلب الصفح، وأتنفس عميقاً
هواءاً عليلاً، أبارك لكل مصري التقيه، أبارك له الحرية وأرى الشمس ترقص
مبتسمة، أهدأ وأتنفس عميقا وأتذكر حديث غازي عن ثورة عامة الناس بدون سلاح وبدون
عسكر وبدون رموز دينية أو طائفيه وأفهم:
فأنا
أدري وأدري انني أدري.
تختمها
امي تقول:
في
خطابه قال اوباما حسرة على حسني
واياما
صدقت
يا غازي و لافض فوك
ثم
ماذا عنا، سنخرج أيضا وسنملء الساحات، سنهتف ضد حكم الدكتاتور، سنعتصم في الميدان
وسنعد (سندوتشات التن وشيش الميه)، سأخرج مع طفلي وأمي وأختي، سقط حكم الدكتاتور،
رأيته بعيني (شوف العين) يوم سدوا طرقات طرابلس أمام الناس حين استضافوا المؤتمر
الاقتصادي الفاشل، ردني رجل الأمن وكنت أحاول العبور الى بيتي وأجبرني أن أسلك
طريقا آخر وهو يقول (ممنوعة ياكيا)، فقلت له: "إن أهون البيوت لبيت
العنكبوت" فقال، " شن تقولي يا
أبلة، فعدتها، " إن أهون البيوت لبيت العنكبوت".
عدت
أدراجي فلم أستطع الوصول لبيتي وأنا أحدث نفسي:"قريباً نهايتك يا قذافي
ونهاية بيت العنكبوت".
19/2/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق