تقول (خُرافة)
جدتي القديمة أنه ذات يوم خرج الفيل على قرية الأرانب وهدم بيوتهم ورحل ثم عاد في
اليوم التالي وهدم ما تبقى منها، ثُمّ عاد في اليوم الذي يليه وهدم ملاجئهم التي
لجئوا اليها، و واظب الفيل على تنغيص حياة الأرانب وإيذائهم فقررت جماعة الأرانب
وضع حد لهذا العدو الغاشم وعقدوا اجتماعاً طارئاً وظلوا يناقشون ويصيحون بحماس :
نهجم على الفيل ونضربه ونقتله ونحفر له حفرة يقع فيها ونفقأ له عينه ونغرز فيه
رمحاً، هكذا ظلوا يتجادلون ويحلمون طوال الليل وحين طلعت الشمس وبمجرد سماعهم لرطم خطواته الثقيلة على الأرض حتى صاح الصائح
منهم: "كبار (الشعاعيل) يا بنات الأرانب" و(الشعاعيل) هي جمع كلمة
(شعال) وهي نبته صحراوية منتشرة في ليبيا تنمو وتنتشر بالقرب من الارض، والنداء
هنا أي لُذن بأكبر نبتة (شعال) واختبئن فيها ظلت الأرانب على هذه الحال تجتمع كل
ليلة وتحلُم وظل الفيل يهدم بيوتهم كل صباح فذهبت هذه القصة مثلاً فيقال: (ميعاد
الأرانب). أما (الخراف) أي القصّ فله أصول وأحكام فهو ممنوع في النهار وقت العمل
لأن (خراف النهار يجيب الفقر) فلا تقص جدتي حكاياتها الشهية للصبية المتقافزين الا
في الليل وعادةً ما كانت تنادينا بعد صلاة المغرب (هيا تعالوا يا صغار بنخرفوا
خرافة) أي سنحكي حكاية أما اليوم فالتلفزيون (يخرف في خرافاته) طوال الليل والنهار
مع مئات القنوات الفضائية والــ(آي باد) والـ(آي فون) والــ(جالاكسي) والانترنت
الاربع والعشرين ساعة والأهم (خراف الفيس بوك) لاينتهي ولا ينضب. وبناءاً على
نظرية جدتي فـ(خُرافنا) هو سبب فقرنا
وبسببه نحن شعب (فقري).
كبرت
ورأيتُ ميعاد الأرانب بأم عيني، فقد اجتمع ذات يوم (شيابين وشيوخ) ليبيا الحكماء والغير حكماء وفي بعضهم
شباب حتى لا نظلمهم، اجتمعوا فيما سُميى (بالمؤتمر الوطني العام) وهو مؤتمر منتخب
من الشعب الليبي (الفقري) تحت رفرفة سعادة الليبيين وأنغام وإيقاعات (الزكرة)
والزغاريد و(نوبة):" إلويه إلويه وما تخافيش عليه" ليقرروا مصير الشعب
(الفقري) العظيم في جلسات تُعقد صباحاً ومساء تُنقل مباشرة عبر أثير كل المحطات
المسموعة والمرئية، وأينما يممت وجهك وجدت المؤتمر يصدح (بشيابينه وشبابه)، في
تلفزيونات محلات المواد الغذائية وعند الاشارة الضوئية من مذياع إحدى السيارات وقد
أطلق السائق العنان لصوت المذياع حتى لا تضيع على المارة السائقين أو الراجلين بضع
دقائق قد تفوتهم فيها جملة اسمية او فعلية لأحد شيوخنا الأفاضل. في سوق الخضار
ستجد في ركن ما مذياع صغير يلتصق به البائع وهو يعرض أمامه الباذنجان والكوسى
(والخير جاي يا ليبيين) "أيها الشعب الفقري العظيم" وحدث أن خرج علينا
أحد (الشيابين ) البرلمانيين وصعد فوق الكرسي وربما الطاولة في خضم نقاش المؤتمر
لشأن ما ورفع الآذان لصلاة ما لا أتذكرها وكنا حينها في شهر رمضان المكرم وكان من
الأسهل أن يطلب هذا (الشايب البرلماني) الإذن برفع الجلسة من الرئاسة اتباعاً
لبروتوكولات العمل السياسي المحترم بدل من قطعها بالأذان و لا أجد تفسيرا لهذا الا
ان يكون هذا (الشايب البرلماني) كان قد أكل في وقت سابق، على السحور ربما (مكرونة
مبكبكة حارة) مما أضطره لرفع الجلسة بطريقة اضطرارية عاجلة تضمن له خط سير سريع
بين قاعة المؤتمر الفخمة وأقرب دورة مياه، وحدث أيضا أنه في جلسة كبرى منقولة على
الهواء مباشرة صرخ أحد (الشيابين البرلمانيين) على فتاة متأنقة كانت تقرأ كلمة
افتتاح في لباس مِهَني محترم :( غطي راسك يامرا) أو ربما (غطي راسك يا وليه) وأخرجوا البُنية يا عيني
ودموعها على الخدين، ومعهم الحق، في شهر الصيام تخرُجُ عليهم مذيعة متبرجة وهم في
أرذل العمر فإن فسد صيام أحدهم لا سمح الله فماذا نعمل؟. غير أن هناك بُعداً آخر
يُقال عنه أنه: "ما وراء الحدث" وهذا الماوراء سأحاول تحديده و وصفه فإن
هذا (الشيباني البرلماني) أطال الله عمره كان متحمساً لقضايا الوطن وهمومه وهي في
كثرتها وتفاقمها تكسر ظهر أعتى الملاكمين وحملة الأثقال فما بالك بشيخ يخطو حثيثاً
نحو قبره ومن كثرة حماسه و وفورته قرر أن لا يترك كبيرة أو صغيرة تَمُر دون إصلاح
من قضايا البطالة والمخدرات وانهيار البُنية التحتية الى (ولية مش مغطية راسها)
والبُعد الماورائي الآخر أن (عمي الحاج) على عِلمٍ بأن ظهره محني وعُكازه قصير فما
كان منه الا أن سجّل موقفه الفدائي من أجل ليبيا ضد (وليه مش مغطية راسها) لأن ذاك
أو أولئك البرلمانيون اللذين (فنّصوا في الولية وبرموا شناباتهم وهزبوها وطلعوها
من قاعة المؤتمر) شهدنا لهم مواقف مُخزية يفرّون فيها مذعورين هاربين يتدافعون
للخروج من بوابة الطوارئ لما (هدّوا عليهم الصحاح ) اصحاب (الاربعتاش ونص والميم ط)
من جرحى وقتلى وأمازيغ وزاوية ومصراته وزنتان وموق موق وعزل ومن جديد على طريقة
أغنية الاعراس المنقرظة (إلويه إلويه وما تخافيش عليه). غير أن عندما قرر (ميعاد
الأرانب) قرار رقم( 7 ) بالدخول الى مدينة (بني وليد) لتطهيرها من الأزلام خرج شبابها
القاطنين في طرابلس للتظاهر سلميا أمام (المعتمر الوطني العام) فواجهتهم قوات
لحماية المؤتمر قبل أن يصلوه بالسلاح وإطلاق النيران في حادثة لم تتكرر مع غيرهم
من فئات الشعب اللذين كلما أرادوا قضاء الحاجة دخلوا بأسلحتهم الى فضاء (المؤتمر)
على الهواء مباشرة و(عملوها)!. الكُفرة تغرق بالدماء وتستنجد والحدود الليبية
الواسعة ترحب بكم من تجارة مخدرات واسلحة الى تهريب سلع ومواد تموينية وبنزين الى
دخول عمالة غير شرعيه والسبب (لا يوجد جيش أو شرطة) كما صرح أحد (حكمائنا
المعتمرين) غير أنه تحديداً حين جاء الموعد التاريخي في أول عيد أضحى بعد مئة عام
ارتفعت الأصوات : (يا ثارات السويحلي) ومع احترامي لشرفاء وابطال مصراته فأنا هنا
اتكلم عن الشراذم والموق موق. حين جاء الموعد التاريخي خرج علينا جيش جرار
وعتاد سيقبض على (خميس القذافي والفقهي وحمزة التهامي)
وتلةٌ من الاولين بمباركة من السلطة الدينية العليا في البلاد التي خلطت الدين
بالسياسة بالاقتصاد بالعسكر بزواج الليبيات من غير الليبيين بقطر بالعلمانية
بالليبرالية (ودارتهم لوسه) ومرة أخرى على طريقة أغنية الأعراس المنقرظة (إلويه
إلويه وما تخافيش عليه) وحوصرت المدينة وقُطعت عنها المواد الغذائية والأدوية
وحليب الأطفال. المدينة التي أعلنت مرة وراء مرة أن لا يوجد بها أزلام و وصلتها
فرق التفتيش فرقة وراء فرقة وتماماً على وتيرة السيناريو (العراقي) وجدت نفسها في
مواجهة الجيش البرلماني الموجود والغير
موجود ومن قاوم هذا الإعتداء من أهل المدينة أعتبر مارقاً وخارجاً عن القانون ودخل
جيشنا المغوار (بني وليد) وعُلِّق بشكل استفزازي علم وصورة (السويحلي) في قلب
المدينة على الأرض التي قُتِل فيها وأعلنوا: (ها قد عُدنا يا صلاح الدين) وألقوا
القبض على (خميس القذافي والفقهي) أما (حمزة التهامي) فقد هرب وانطلقت الاحتفالات
في طرابلس وأُضيئت سمائها بالألعاب النارية وصوت البارود يُدوي وزغاريد جيراننا
البسطاء وبيان من أحد غُلمان (الشيابين البرلمانيين) بالقبض على (خميس أفندي) وبدى
أن لا أحد سواي وزوجي لا يصدق هذه القصة حتى أن جارتي الجميلة الحكيمة الحنون الهادئة
الطباع لم تصدقني ولأول مرة، كانت تقول : يا كريمة اهدأي، فقط لأن بني وليد بلدتك
لا يستوعب عقلك الصغير خيانتهم (أهدي يا بنيتي). حتى أن صديقتي الكاتبة الإعلامية
الفبرايريه المناضلة رئيسة المحطة الفضائية والتي من (بني وليد) لم تنم تلك الليلة
وهي تتدفق حُبا للوطن ولدرع ليبيا على صفحتها على الفيس بوك الذي أنقذ( بني وليد)
من براثن (خميس القذافي ) النجس، وسهرت طرابلس طوال الليل على أنغام المقطوعة
الموسيقية المنقرظة (إلويه ألويه وما تخافيش عليه) فيأتي الصباح و لا وجود لخميس
ولا جمعة غير أن حسابات المصالح والتوادد استدعت من البعض إرضاء (اللوبي الجهوي
القبلي العنصري المنتن) مع احترامي لشرفاء وأحرار ومناضلي ليبيا ومع احترامي
(لإبتسام) التي مثلت سلطة رابعة تداعت مع تداعيات الحدث ومع احترامي لقريبتي
المُسنة التي حتى الأمس القريب لا تزال تؤكد أن (درع مصراته) قبضت على (خميس
القذافي) وأنه مسجون في سجونها وقد أَرتها جارتها (المصراتية) صورته وهو مُعذّبٌ
جريح في سجون الحرية وأنهم يخفونه عن جماعة حقوق البهائم قصدي الإنسان وأنهم
(شايلينه لعوزة) ومن جديد (إلويه إلويه وما تخافيش عليه) و(بني وليد) هي المدينة
الوحيدة التي (طلعت من المولد بلا حمص) فقد عاقبها القذافي بسبب معارضيه فيها
وعاقباتها فبراير بسبب معارضيها فيها. ولايزال (ميعاد الأرانب البرلمانية) يُغازل
أمانينا ويدغدغنا (ويشاوخ) عن عدالة انتقالية ومصالحة وطنية وقانون وشفافية ودولة
مدنية وبُنية تحتيه في الليل وتدكه (عفسة رجل الفيل الميلشياوي) في الصباح فتضرب
مؤسساته و وزاراته وتسيطر على مطاراته وتُقفل موانيه وحقول نفطه وتقصف سفارات
الدول الأجنبية التي يستضيفها على أرضه ولا يرف لها جفن فتغتال من (أكبر راس) سفير
أميركا بشحمها ولحمها وحتى مواطن ليبي مناضل بسيط اسمه (عبد السلام المسماري) مات
وترك لأهله 300 دينار في حسابه المصرفي ولعائلته الله فهل سيقدرون على دفع ثمن
أُضحية العيد لهذا العام؟.
غيرأنّ
ليس كل الميعاد أرانب بل هناك رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه خرجوا في وجه الفيل الميليشياوي المستبد وقال
من يعمل يتقاضى أجراً من لايريد العمل
يُستقيل من لايعمل ولا يستقيل يُطرد،
منتسبي اللجنة الأمنية العليا 151 ألف يتقاضون مرتبات عن عملهم فيها حتى الأموات منهم اللذين تحت التراب، حتى أن
أحدهم يتقاضي في 16 مرتب وهذا ما يُقال عنه (راجل بــ16 الراجل) والدليل أنه شخص واحد
أقصد لص واحد (يصرف على روحه في 16 المرتب) ينضمون فُرادى الى الشرطة
والجيش الوطني أما المؤهلين علميا من لجنتنا الارهابية(عفواً) إن أخطائي تتكرر فقد
قصدت الأمنية فقد فُتِحَ لهم الباب
لتأهيلهم كضباط محترمين وتشكيل لجنة شرطة لمن يريد أن يشتكي من الشرطة و توزيع
كاميرات مراقبة في البلاد وفرض تأشيرة على الوافدين لليبيا (ونعد ونغلط ولما نغلط
نعد)، فعلا (راجل) يا (عاشور شوايل) وخسرناك فالفيل (الميليشاوي) مع أن ذراعه الخرطومي واحد غير أن له ثماني أذرع
أخطبوطيه فاسده تُعينه هنا وهناك فله ذراع في المؤتمر العام وله ذراع في المجتمع
المدني وله ذراع في السلطة الدينية وله ذراع وساقٌ مع "الزكرة": (إلويه
ألويه وما تخافيش عليه).
وحكاية
عِشقٍ بين (شيابين المؤتمر الوطني وبين
الوليه اللي مش مغطية راسها) لا تنتهي، (وياريتها غير مش مغطياته وزيادة مقرظاته وفوقها وزيرة ). التي سجلت للتاريخ شهادة مريرة
عن غول فساد ابتلع أموال لا حصر له متهمة
شركات وسفراء وملحقين صحيين في التورط فيها، إمرأة وأن غادرت الوزارة غير
أنها قطعت عهدا بينها وبين الله أن تفضح كل من تاجر في دماء الأبرياء وأساء الى
الوطن، تقول في مذكراتها الجريئة هذا بعضُ مختصر منها: "تلقيت وحرسي العديد
من التهديدات بالقتل وذلك ممن تغلغلوا في صفوف الثوار، وجدت أن حراسة الوزارة كانت
متآمرة على الوزارة وأن البريد الصادر كان دائما يضيع والبريد الوارد يتأخر، بل
وتظهر المراسلات على (الفيس بوك) قبل أن تصل مكتبي بل ووجدت جهاز تنصت" لقد
طلبت السيدة الوزيرة (فاطمة الحمروش) تغيير كتيبة الحراسه فقام رئيس اللجنة الأمنية
العليا بتثبيتها؟!. وشُلَّت كل قراراتها تقريبا بسبب أعاقة الإجراءات
الإدارية.(1).
يصدر
قرار حكومي بمنح وزارة العدل مقرا هو (متحف ليبيا) بالرغم من اعتراض وزارة
الثقافة، قرار لا أجد ورائه أي رسالة سوى أن العدل صار قديما ومنقرظا في بلادي حتى
أننا سنحنطه في المتاحف.
عندما
يجتمع شيوخنا الأكابر للعب بورق اللعب (الكارطة) سترى وتسمع العجائب، عندما (يعنقر
الحاج طاقيته ويدير شكبة) سيصرح لنا أنه كان ذات (عشوية يلعب في خربقة مع القذافي ويشربوا في شاهي اخضر
بالنعناع وبعد ما "نفوا النفة"
قاله يا قذافي انت فاشل وحكومتك فاشلة فضحك القذافي لين طاح على قفاه ويجي بيطق 15
مع عمي الحاج اللي طارتله وناض وقاله انت
مش محترمني كان هذا ما تضحكش على كلامي وطلع من خيمة العزا. قصدي قيطون العز. قصدي
المكان اللي كانوا يخربقوا فيه)
وأن ناشطة إستنشاطية كانت في عهد القذافي تكتب
التقارير عن زملائها المدونين وترسل لهم ايميلات التهديد اليوم (مش عاجبها شي
وتلوي على زكرة الويه الويه وماتخافيش عليه" اهفتي خير ما نطلعلك ايميلاتك
اللي كنتي تهددي فيا بيهم راني قاعدة داستهم ليك مفاجآة)
وليشهد
التاريخ أن المؤتمر الوطني العام المنتخب لم تُطرد منه سوى إمرأة ولم يُمنع ليس من
الدخول اليه بل ومن التظاهر سلميا أمام مقره ضد حربٍ ظالمة سوى شباب (بني وليد)
ويستمر
الخراف البرلماني
وعاشت
ليبيا حرة أبية ودامت (الزكرة رابخه)
(1) مقال الوزيرة موجود على صفحات الإنترنت