اشتريت عباءة، تطلب واقع الحال ذلك، عندما ارتديتها قال زوجي: انت تشبيهن فلة (دمية البنات المحجبة والشخصية الكرتونية)، واعجبني أن اشبه فلة خاصة ان فلة هذه هي طفلة و أم وسيدة بيت ترتدي الحجاب وهي لا تخفي عيوب الوزن الزائد والسمنة بدريعة الحجاب والجلباب، بل رشيقة وممشوقة القوام.
وفي زحمة التجهيزات للعيد، كنا نخرج للتبضع وطبعا ارتدي العباءة السوداء، حين قال لي صبية صغار يبيعون لعب الأطفال على طاولة بجانب الرصيف،: (تفضلي يا حاجة)، وهمز زوجي بكل مكر( قالك يا حاجة، بيش تعرفي روحك كبرتي وعززتي)، وما التقط ذلك الصبي كلمات زوجي حتى قفز بيننا مقاطعاً: (ما تزعلش ياحاج تفضل حتى انت)، وأنا انظر اليه بعيون ملئها الشماته وأردد: تفضل تفضل يا حويج!.
قد اعتبرت هذا حدثا عابرا ومن باب المصادفة، حتى تكرر في محل آخر لبيع الملابس والأحذية التقليدية (الزي العربي) وكنت أناقش البائع في المقاس والأسعار وهو شاب في مقتبل العمر يردد في اجاباته على اسئلتي بـــ(ياحاجة يا حاجة)، لم اتمالك نفسي من الضحك، ومن السعادة ومن السرور والبهجة فلقد اصبحت (حاجة)، ولم أرد عليه بالرد الليبي الشهير( ان شاء الله نحجوا)؟، ولا أجد أي عذر حقيقي وراء اولئك اللذين يستشيطون غضبا إن ناداهم احد ما بـ(يا حاج) غير فزعهم من أنها تذكرة لعالم الشيخوخة، أذكر تماما قريبنا الذي لم يحج، جاء في زيارة لجدتي رحمها الله وكان غاضبا من بنت الجيران وهي طفلة تحييه حين ذهابها للمدرسة ب(يا حاج) فوبخها ونهرها فبدلت صفة حاج بصفة (يا عمي) التي اغضبته اكثر من الاولى ورأى فيها اهانة له، فما كان من جدتي الا ان وضعت عكازها في رأسه وقالت له:
(وشن تبيها تقولك يا سيدي؟. حلك والدها مرتين والا ثلاث....). هكذا كانت ردود جدتي صريحة وبدون مهادنة، وحين سألتها بعد مغادرته، ما الذي يزعجه في هذا قالت باختصار: (شايب خايب). وحتى لا أشيب وأخيب لم أجد في نفسي مضاضة من أن أُصف (بالحاجة)، واذكر فرحة أبي الغامرة ومعانقته لاابن جيراننا بقوة حين ناداه (ياحاج) بعد عودته من الحج وهو في الثالثة والثلاثين من عمره.
سأحج ان شاء الله، وحتى ذاك الوقت يسعدني ان تنادونني (يا حاجة) تيمنا بها
لكم الود
الحاجة كريمة الفاسي